مفهوم الرغبة وأنواعها

مفهوم الرغبة، انواع الرغبات، كيفية تطور الرغبات، نظريات الرغبة، مفهوم الرغبة في الفلسفة، تعريف الرغبة، شروط تحقيق الرغبات، المفاهيم المرتبطة بالرغبة، الرغبة وا

  • 4602 مشاهدة
  • Feb 06,2022 تاريخ النشر
  • الكاتب علي ف ياغي
  • ( تعليق)
مفهوم الرغبة وأنواعها

مفهوم الرَّغبة

 

مفهوم الرَّغبة في الفلسفة تُعرف بأنّها توجُّه شعوري بالحركة نحو الحاجة إلى شيءٍ ما، أو هي الأمر الذي يعتبره الشَّخص مصدراً مُحتمل لشعوره بالرِّضا، وتُعرف الرَّغبة بأنّها النزعة الشعوريَّة، فعلى سبيل المثال عندما يرغب شخصٌ ما أن يحتسي القهوة، فمن الطبيعي أن يصنعها لنفسه، فإن لم يفعل ذلك ستبقى فكرة رغبته في شُرب القهوة تراوده في أعماقه، وسيرى افتقاره إلى القهوة فكرةً غير مريحة أبداً حتّى يصنعها.

وقد دخل تعريف الرَّغبة بتلك الحالة من الخلاف الدَّاخلي الذي يعيشُه الإنسان بين ما يرغب به الإنسان أو ما يتمنّى أن يصير له في الحاضر والمُستقبل، وبالإمكانيَّات التي يملكها في سبيل الحصول على رغباته؛ أو تحقيق جميع الأمنيات التي يرغب بها، ومن المُمكن أن تختلف رغبة الشَّخص بشيءٍ مُحدَّد، مع اختلاف الظُّروف أو المؤثِّرات، والتي تجعل المرء يُعيد حساباته من جديد، فيرغب بأمور جديدة ومُغايرة عن التي كان يرغب بها سابقاً.

إضافةً إلى ذلك، تدخل الرَّغبة حالةً من الاختلاف بين الناس؛ بسبب وجود اختلاف بطريقة التفكير، أو الإمكانيَّات الماديَّة، أو حتَّى بالأذواق الشخصيَّة، كما تؤدِّي هذه الحالة من الاختلاف إلى وجود التنوُّع بين أفراد المُجتمع الإنساني، ومن جهةٍ أُخرى فإنَّ وجود بعض الرَّغبات المُتماثلة أو المتشابهة بين مجموعةٍ من الأفراد؛ رُبَّما سيخلق حالةً من التماثل بالأهداف أو التطلعات، ولأجل الحصول على رغباتٍ يتطلَّع الإنسان إليها، لا بُدَّ من تحقيق شرطين أساسيين وهما:

  1. امتلاك دافع تجاه الرَّغبة.
  2. المعرفة بأصناف الرَّغبات المتاحة، للحصول عليها أو اكتسابها.

 

وهناك مفاهيم مرتبطة بالرَّغبة، بحيث تتداخل عِدّة مفاهيم مع هذا المفهوم، وفيما يلي توضيحٌ لذلك :

  • علاقة الرَّغبة بالحاجة، والفرق بينهما : فهما مرتبطان معاً، لكن هناك فرقٌ كبير بينهما، حيث أنَّ الرغبة: هي شعور الشَّخص لافتقاره إلى شيءٍ مُعيَّن، فتُوصف عادةً بشعورٍ لطيف، أو توقُّع الأمر ومعرفته، لكن ليس ضرورياً تحوّل هذا الشُّعور إلى عادة أو سلوك، ولكنَّها تتميَّز بأمور لا تؤثّر بعدم وجودها، أو عدم الحصول عليها في الحياة، لكنَّ ازدياد الرَّغبة تكبر داخل الإنسان؛ مُجبرةً إيّاه للسَّعي إلى تحقيق رغبته، وفي حال عدم تحقيقها سوف يشعر بالحزن.
  • أمَّا الحاجة: فهي الشُّعور بعدم الاكتفاء في حال النَّقص في الأشياء التي يحتاجها الإنسان في حياته، ويكون العقل هو الذي قرّر ضرورة وجودها، فدائماً يتحوّل هذا الشُّعور إلى سلوك؛ أو إلى شكل من أشكال العمل، كما تُعتبر الحاجة من الأمور الهامَّة والضروريَّة للبقاء على قيد الحياة، وهي أمرٌ إلزامي للعيش والشُّعور بالرفاهية.
  • الرَّغبة والسعادة، والفرق بينهما : إنَّ الرَّغبة تتطلَّب تحقيق أفكارها الافتراضية؛ وذلك من خلال التحفيز الداخلي بالسَّعي لتحقيقها، بحيث تمنح صاحبها شعوراً بالرّضى، أمّا السعادة تُعد حالة شعور أو إحساس عقلي داخلي يحلّ بالشَّخص دون الضَّرورة لتحقّق رغباته.

 

أنواع الرَّغبات

لقد تمَّ إجراء العديد من الدِّراسات والأبحاث لإيجاد جميع أنواع الرَّغبات؛ وبحسب ما توّصلت له الدِّراسات أثبت وجود 16 رغبةً أساسيَّة تتوزّع كالتالي:

  • القبول: وهو الرَّغبة بتقدير الآخرين للشخص.
  • الفضول: هو الرَّغبة المُلحّة لاكتساب المعرفة.
  • الأسرة: أيّ الرَّغبة بامتلاك أسرة، من أجل استمرار نسل الفرد.
  • الشَّرف: هي رغبة للشُّعور بالنبل اتجاه القيم العُرفيَّة للإنسان، أو العائلة، أو العشيرة.
  • المثاليَّة: هي الرَّغبة للشُّعور بالكمال عن طريق الحاجة لوجود العدالة الاجتماعيَّة.
  • الاستقلاليَّة: وهي الاعتماد الكامل على النَّفس والرغبة بعدم احتياج الآخرين.
  • النِّظام: هو الرَّغبة لوجود مجموعة من العناصر والقوانين لتحقيق القيم الرَّاسخة والتقليديَّة.
  • النشاط البدني: هو الرَّغبة بممارسة الأنشطة الرياضيَّة والتي تحتاج جزءاً من الطاقة.
  • القوَّة: وهي الرَّغبة لوجود قدرة على العمل والسَّيطرة.
  • الرومانسيَّة: وهي الرَّغبة بتحكيم العاطفة والسَّيطرة على المشاعر وتحكيمها.
  • الادّخار: وهو الرَّغبة بالتوفير.
  • التواصل الاجتماعي: وهو الرَّغبة بتفاعل الآخرين مع بعضهم البعض، وارتباطهم مع بعض بكافَّة الطرق.
  • الوضع الاجتماعي: وهو الرَّغبة في الوصول إلى مكانةٍ مُعيّنة يُشغلها الفرد في المُجتمع.
  • الهدوء: وهو الرَّغبة في الابتعاد عن الضجيج والسكون.
  • الانتقام: وهو الرَّغبة بإلحاق الضَّرر بشخصٍ ما.

كما توصَّل الباحثون إلى أنَّ وجود هذه الرَّغبات ما هي إلا دافع للإنسان ليقوم بأعماله اليوميَّة، ثمَّ تمَّ الكشف إلى أنّ 14 رغبة من أصل 16 لها أساسٌ وراثي، في حين يستطيع الإنسان اختزال رغباته إلى واحدة أو اثنتين، كما أنَّ الرَّغبات تختلف من شخصٍ لآخر.

 

كيفيَّة تطوُّر الرَّغبة

تحدث الرَّغبة عندما يكون الشَّخص في حالةٍ ذهنيَّة مُعيَّنة، أو عندما يكون بمجموعة من الحالات الذهنيَّة المتنازعة باتِّجاه أمرٍ ما، فيُطلق على هذه الحالة أو الحالات المشابهة للمواقف المؤيّدة (pro attitudes)؛ وعلى سبيل المثال رغبة الفرد لشرب الماء، أو رغبته في معرفة تفاصيل ما حدث لصديقه القديم، لكنَّ حالة الرَّغبة وُضِعت موضع الجدل نظراً لارتباطها بتأثيراتٍ مُختلفة وعديدة دفعت الشخص إلى الإحساس والميل للتصرّف بطريقةٍ معيَّنة، في حين يتطلّب فهم وتطوير الرَّغبات لوجود أمرين على الأقل، وهما: إدراك الأسباب للرَّغبة نفسها، ثُمَّ الإلمام بجميع أنواع الرَّغبات الموجودة.

 

نظريَّات الرَّغبة

يوجد العديد من النظريَّات المتعلّقة بالرَّغبة، وهي كالآتي:

  • نظريَّة الرَّغبة التي تقوم على الفعل: وهي تتمثّل في الوظيفة البيولوجيَّة للرَّغبة، مع الحالة العقليَّة المُرتبطة بإشباع النَّفس بواسطة التحرُّك والفعل، بحيث تُشير هذه النظريَّة إلى أنّ الرَّغبة ليست للتخلّص من العوامل المؤدية إلى الأفعال، إنَّما هي للعمل والتحرّك لأجل الإنتاج في تحقيق الأغراض.
  • نظريَّة الرَّغبة القائمة على المُتعة: لقد اختلف العديد من الفلاسفة حول النظريَّة السابقة، لأنّها لا تستطيع أن تُميّز بين أحكام الخير والرَّغبة بالشيء، حيث أنَّ الرَّغبة بالصلاح بهدف المُتعة والصلاح معاً هي المفتاح لهذا الاختلاف والامتياز، فالشَّخص الذي يتحرَّك بفعل رغبته سيتمتَّع دوماً بالشَّيء الذي يرغب به، فهو يفعله بشغفٍ ورضى، وعلى العكس تماماً؛ فالشَّخص الذي يتحرَّك من أجل الصلاح لا يشعر بتلك المشاعر.
  • نظريَّة الرَّغبة القائمة على الحُكم الجيِّد: حيث أنَّ بعض الفلاسفة يفصل بين الرَّغبة والحاجة إلى فعل الخير وأحكامه، إلّا أنّ سقراط يرى في فسلفته أنّ الرَّغبة في الشيء، ما هي إلّا اعتقادٌ بأنّ هذا الأمر جيِّد.
  • نظريَّة الرَّغبة القائمة على الاهتمام : اقترح هذه النظريَّة الفيلسوف (تي إم سكانلون)، وهذه النظريَّة تتمحور حول الرَّغبة المُرتبطة بالأسباب عوضاً عن الصلاح والخير؛ أي بما معناه (الانتباه الموجّه).
  • نظريَّة الرَّغبة القائمة على التعلُّم: إنَّ هذه النظريَّة وُضعت علاجاً لجميع النظريَّات السابقة، والتي تُؤكِّد على أنَّ الرَّغبة حالةٌ عقليَّة مُناسبة لتحقيق أمر مُعيَّن، وهذا لا يشمل نظريَّة الرَّغبة القائمة على التعلُّم؛ والتي تتلخّص بأنّ الرَّغبة هي صفة طبيعيَّة مسؤولة عن الفعل والتأثير المُرتبط بالتعلّم المبني على المُكافأة.
  • الأنا المغرورة: وهي لا تجتمع مع الرَّغبة الصحيّة، لأنَّ الغرور يقود الشَّخص أحياناً للقيام بأفعالٍ وتصرُّفات لا حدود لها من أجل تحقيق احتياجاته، بغضِّ النَّظر عن تأثيرها في الآخرين أو عليه، فعندما يكون الغُرور هو المُحرّك الرئيسي للرَّغبة؛ في هذه الحالة سيتعرّض الشَّخص إلى الأذى الناتج عن سعيه لتحقيق هذه الرَّغبة لا أكثر، إضافةً إلى أنَّه يُمكن التخلّص من الـ(أنا المغرورة) بواسطة سؤال النَّفس باستمرار: "إلى أين سأصل بهذه الرَّغبات"، لكي تبقى النَّفس دائماً في حالةٍ من التوازن، ومن الطبيعي جداً رغبة الإنسان بالمزيد دوماً، إلا أنّه يتوجَّب عليه أن يكون واعٍ ومُدرك بأنّ رغباته التي يُريدها سوف تُحقّق أهدافه، وتأخذ بيده ليكون الشَّخص الذي يرغب أن يكون عليه، وبالتَّالي فإنَّ تحقيق السَّعادة هو الشعور بالرِّضى، فالسَّعادة لا تكون بامتلاك كلّ شيء.
مقالات متعلقة في تعريفات منوعة