العصف الذهني أو القدح الذهني

العصف الذهني، مفهوم العصف الذهني، طريقة العصف الذهني، أنواع العصف الذهني، تطور العصف الذهني، قواعد العصف الذهني، جلسات العصف الذهني الفردي والجماعي

  • 1032 مشاهدة
  • Aug 05,2021 تاريخ النشر
  • الكاتب Ghada Halaiqa
  • ( تعليق)
العصف الذهني أو القدح الذهني

العصف الذهني أو القدح الذهني

 

مفهوم العصف الذهني

العصف الذهني عبارة عن وسيلة فكريّة يلجأ إليها الفرد أو الجماعة للخروج بأفكارٍ مبتكرة، أو إعادة صياغة الأفكار الحاليّة لحل مشاكلهم.

 

ويعرّف العصف الذِّهني على أنّه عمليّة خلق أو استحداث مجموعة من الأفكار من خلال عمليّة مُنظّمة، تحكمها مجموعة من القواعد الواضحة، ويُمكن تعريفه أيضاً على أنّه الطريقة المُتبعة لاستنباط الأفكار أو إعادة ترتيبها، بهدف الوصول  لأفكارٍ خلاقة، ويتم اللجوء لهذه الطريقة عند الافتقار للأفكار الجديدة أو الإلهام.

 

العصف الذهني طريقة مُبتكرة وغير تقليديّة، تمكِّن الإنسان من العثور على النقاط المُتخصِّصة التي تُشير إلى الموضوع العام الذي يفكِّر فيه، إضافةً لإيجاد أفكار جديدة ومُبتكرة، ويُمكن اتباع هذه الطريقة العلميّة عندما يريد الشخص فرز أفكاره وتصنيفها وتخصيصها، وإعادة ترتيبها من جديد، لتكون أكثر فاعليّة ونجاحاً في الوصول إلى الأهداف المرجوّة، وليس هذا فحسب، بل تمكّن الشخص من العثور على روابط مُشتركة بين الأفكار، بشكلٍ يسمح له البدء بالتخطيط السليم للمهمّة التي يُفكِّر بِها.

 

اكتشاف طريقة العصف الذهني

يرجع ظهور العصف الذهني إلى الفترة التي أعقبت انتهاء الحرب العالميّة الثانية، فقد تمّ إنشاء شركة (BBDO) في مدينة نيويورك في الولايات المُتحدة الأميركيّة، وتُشير هذه الحروف إلى أسماء مؤسِّسيها وهم (باتِن، بارتون، دورستين، أوزبون).

 

حيث تخصَّصت هذه الشركة بالإعلانات، واستمر ازدهار هذه الشركة حتّى عام 1939م، ففي تلك الفترة بدأت أرباح الشركة بالانخفاض التدريجي، الأمر الذي أدّى إلى انسحاب مؤسِّس الشركة (روي دورستين)، والذي قام بعدها بإنشاء شركة إعلانيَّة خاصَّة به.

 

أمّا فيما يخص بقيّة الشركاء في الشركة، وأثناء الوضع الحرج الذي كانت تمر به الشركة، برز أحد المؤسسين الأوائل (أليكس أوزبون)، الذي كان عُرف عنه شغفه بالتَّفكير الإبداعي، فقام في تلك الفترة بتطوير طريقة لتشجيع موظّفيه على تقديم أفكارهم، في مُحاولةٍ منه للمُساهمة في رفع شأن الشركة وتقدُّمها، قام بعدها بتأليف كتاب عام 1942م، أطلق عليه اسم (كيف تُفكِّر)، وقد كان هذا الكتاب هو المدخل لما يُسمّى بالعصف الذِّهني، والذي قام أليكس أوزبون بطرحه في وقتٍ لاحق.

 

 وقد تمكنت شركته عام 1951م، من أن تكون ثاني أكبر الشركات الإعلانيّة في الولايات المُتحدة الأمريكيّة، وذلك نتيجة المجهود الكبير الذي بذله أوزبون لخلق أفكار إبداعيّة لدى كافة موظَّفيه، وقد حقّقت الشركة أرباحاً قُدِّرت بأكثر من مائة مليون دولار، وفي عام 1953م، ألّف أوزبون كِتابه الثاني، والذي أطلق عليه اسم (الخيال التطبيقي)، شرح فيه عمليَّات العصف الذِّهني، وقدَّم شركته كنموذج على مدى فعالية هذه العمليّات.

 

 وقد ارتأى أن تضم مجموعة العصف الذِّهني من 5-12 شخصاً، وأن يكون أعضاء المجموعة من ذوي الخبرات المُتفاوتة، ويشترط فيها دراية الأعضاء بالمشكلة المُراد حلّها أثناء تلك الجلسة، إضافةً إلى ضرورة تدريب الموظّفين كافة تقنيات وقواعد جلسات العصف الذِّهني قُبيل البِدء بِها، وقد أشار أوزبون إلى ضرورة وجود أحد الأشخاص الذي توكل إليه إدارة تلك الجلسات.

 

 

تطوُّر مفهوم العَصف الذِّهني

بعد النّجاح الذي حقّقته شركة (BBDO)، انتشر استِخدام العَصف الذِّهني في العديد من الشّركات الأخرى في أرجاء الولايات المُتّحدة الأمريكيّة، وقام (دونالد تايلور) عام 1958م بإجراء دراسة في جامعة (ييل)، قارن فيها بين فعاليّة عمليّات العصف الذِّهني الجماعي والفردي، ليتوصّل إلى طريقة العصف الذِّهني الفردي، لكنّ هذه الطّريقة كانت تضم العديد من العيوب والثَّغرات.

 

ونتيجةً لهذا الأمر ظهرت عِدَّة دراسات أخرى تُقارن بين جلسات العصف الذِّهني الجماعي والفردي، وكانت غالبيّة تلك الدِّراسات ترتكز على طريقة تايلور، الأمر الذي أدّى إلى استنباط طريقة للعصف الذِّهني الفردي بطريقة أكثر فعاليّة من العصف الذِّهني الجماعي، ونتج عنها ظهور آراء جديدة تتطرّق جميعها إلى تغيير قاعِدة التركيز التي وضعها أوزبون، والتي تعتمد على الكم.

 

وارتأت تلك الآراء إلى التركيز على خلق أفكار تتسم بجودتها، بغض النَّظر عن الكم، وأدّت تلك الآراء إلى ظهور تعريف مُختلف للعصف الذِّهني الجّماعي، والعصف الذِّهني الفَردي، ونتيجةً لكلِّ ما سبق بدأت شعبيّة العصف الذِّهني الجماعي بالتراجع في الأوساط الأكاديميَّة، وظهرت بعض النقاط المُشتركة بين مذهبي (أوزبون، وييل)، فقد أوصى أوزبون باستخدام الفردي قبل وبعد الجلسات الجماعيّة.

 

قام (سكوت إسكسن) مؤسِّس مجموعة حل المُشكلات الإبداعيّة في نيويورك عام 1998م، بمراجعة بمراجعة أبرز 50 دراسة للعصف الذِّهني أنشئت في الفترة المُمتدة ما بين عامي 1958- 1988، وقد تبيّن له بأنّ الباحثين الذين قاموا بإعداد تِلك الدِّراسات، لم يلتزموا بقواعد وعمليّات العصف الذِّهني التي أوردها أوزبون، الأمر الذي أدّى إلى إعادة النَّظر في قواعد العصف الذّهني التي قدّمها أوزبون، أمّا في وقتنا الرَّاهن، فقد أصبحت تقنيَّات العصف الذِّهني تحظى باهتمامٍ كبير من قِبل المؤسَّسات والشَّركات التي تسعى إلى الابتكار والتّجديد.

 

قواعد العصف الذِّهني الأساسيّة

ارتكز أوزبون في عمليّة تطوير مفهوم العصف الذِّهني على نظريّات التفكير الإبداعي لـ (جراهام والاس)، وعلى إثرها قام أوزبون بوضع القواعد الأساسيّة لهذه العمليّة، وكانت كالتالي:

 

التّركيز على الكَم: وترتكز هذه القاعدة على الهدف النِّهائي المراد الوصول إليه في جلسات العصف الذَّهني، وتهدف إلى الوصول لأكبر كميَّة من الأفكار في جلسات العصف الذِّهني، بغضّ النظر عن فعاليّة وجودة تِلك الأفكار.


الامتناع عن النقد: وترتكز هذه القاعدة على عدم توجيه النقد لأيِّ فكرةٍ تُطرح خلال جلسات العصف الذِّهني، وتأجيل الحكم عليها إلى ما بعد انتهاء الجَّلسة.


تقبُّل كافة الأفكار الجديدة: وذلك من خلال التشجيع على طرح الأفكار المُبتكرة والغير مألوفة.
دمج الأفكار وتطويرها: وترتكز على عمليّة دمج كافة الأفكار المطروحة، والتعديل عليها أو تحسينها وتطويرها.

 

أنواع العصف الذِّهني

كما أشرنا سابقاً، فهناك نوعين رئيسيين للعصف الذِّهني، هما:

 

العصف الذِّهني الجماعي: ويتمّ هذا النوع من خلال إجراء جلسات دوريّة، تهدف إلى تحسين وتطوير الأعمال في المؤسّسات أو الشركات، فجلسات العصف الذِّهني الجماعي تُعقد لإيجاد حلول وأفكار للمشاكل المُعقدة، وتتميّز باستفادة الأفراد من كافة الخبرات والأفكار الإبداعيّة المطروحة من قبل باقي المجموعة.

 

 ومن هنا تتولّد أفكار أكثر عُمقاً وتطوّراً، وذلك لعدم توقّفها عند فردٍ واحد، ومن هنا تتوالد الأفكار المُبتكرة لحل المشاكل وتذليل الصعوبات والعراقيل، ولنجاح هذه الطريقة يوصى بتقسيم المجموعات من 5-7 أشخاص في كل جلسة، شريطة الإلتزام بكافة قواعد العصف الذِّهني الجّماعي، كتجنّب نقد بعض الأفكار، وعدم التركيز على أفكار بعض الأشخاص دون سواهم – مفهوم الحجب في جلسات العصف الذهني -، الأمر الذي يؤدي إلى فشل الجلسة وعدم الوصول إلى الأفكار المنشودة.

 


العصف الذِّهني الفردي: ويُعتبر هذا النوع ذا فعاليّة أكبر في إنتاج الأفكار المُلائمة لحل المشاكل العاديّة والبسيطة، إضافةً إلى أنّ الفرد خلال قيامه بهذا النوع أكثر قدرة على إطلاق العنان لأفكاره، دون القلق من وجود آخرين، ويشترط لنجاح هذه العمليّة الفرديّة الجلوس في مكانٍ هادئ ومُريح يخلو من المُشتتات، فهنا يُمكن للفرد أن يرتب أفكاره ويُنظِّمها ويطوّرها، وذلك من خلال استخدامه للخرائِط الذهنيَّة.

 

الإعداد لجلسات العصف الذِّهني

العصف الذِّهني الجماعي:

قبل البدء بجلسة العصف الذِّهني الجماعي، يجب معرفة كافة القواعد والمعايير المذكورة آنفاً، والتي وضعها أوزبون لنجاح الجلسة، ويجب قبل البدء بالجلسة القيام ببعض الإجراءات، وهي كما يلي:

- تحديد مسؤول لإدارة الجلسة.

- تحديد المشكلة التي ستكون المحور في الجلسة.

- وضع مجموعة من القواعد التي ينبغي التقيُّد بها خلال انعقاد الجلسة، ومن تلك القواعد السّماح للمسؤول بالإدارة الكاملة للجلسة، وعدم تقييد أي عضو من أعضاء المجموعة، وذلك من خلال السّماح للجميع بالمُشاركة، وعدم إطلاق الأحكام على الأفكار المطروحة حتّى يتم حصرها بشكلٍ كامل، إضافةً لتدوين كافة الأفكار المطروحة، وتحديد وقت معيّن لإنتاج الأفكار وطرحها.

- تبدأ جلسة العصف الذهني بتشجيع التركيز في المشكلة وإيجاد الأفكار المُناسبة لحلها.

- اختيار الأفراد لطرح الأفكار بحسب الدور الذي يحدّده المسؤول عن الجلسة، ومن ثمّ تدوين كافّة تلك الأفكار.

- تجنّب نقد أي فكرةٍ مطروحة.

- يتم تقييم الأفكار المطروحة عند انتهاء الجلسة.

- فرز الأفكار جميعها، وحصر المُتشابه منها.

- مناقشة باقي الأفكار بعد حصرها.

 

العصف الذِّهني الفردي:

قبل بدء الفرد بجلسة العصف الذِّهني، عليه أن يكتب مشكلته، وكافة ما يجول في خاطره من حلول ومقترحات لتلك المشكلة، وعدم تقييد تلك الأفكار، وبعد تدوين قائمة الأفكار المتولِّدة لحل المُشكلة، على الفرد القيام بمُراجعتها، وتكرار قراءتها، الأمر الذي يُمكّنه من توليد أفكار جديدة أخرى ناتجة عن هذا النّقد الذاتي، وفي النهاية على الفرد اختيار أفضل الأفكار المطروحة لحل مشكلته.

 

التقنيات المُستخدمة في عمليّة العصف الذِّهني

- الكِتابة الحُرّة: ترتكز هذه النقطة على مبدأ الكتابة، وذلك من خلال كتابة كافة ما يجول في خاطِر الفرد، دون التركيز على صحّة ومعنى ما هو مكتوب، والمُراد هنا الكتابة المُستمرّة لفترة زمنيّة مُحدّدة، وبعد انتهاء الوقت يتم اختيار الأفكار وفرزها، وتدوين المُناسب مِنها على دفتر المُلاحظات.

 

- القوائِم: وترتكز هذه التقنيّة على تقسيم المُشكلة إلى قائمتين، تضم القائمة الأولى كافة الأفكار الدّاعمة للعصف الذِّهني، أما القائمة الثانية فتحتوي على كافة الأفكار التي تدحض ما هو مدوّن في القائمة الأولى، وفي النهاية يتم انتِقاء الأفكار المدعمة بالدلائِل والبراهين في القائمتين، وهذه التقنيّة تحديداً لها دورٌ فعّال في إنجاح جلسة العصف الذِّهني، لأنّها ترتكز على انتقاء الأفكار القويّة المدعّمة بالحجج والبراهين الدّامغة.

 

- وجهات النَّظر: ترتكز هذه التقنية على النظر إلى المُشكلة المطروحة من عدّة زوايا مُختلفة ومُتباينة، وليس من زاوية واحدة.

 

- التَّكعيب: تصوّر هذه التقنيّة العصف الذِّهني على أنّه مُكعَّب يُمكن النّظر إليه من ستة أوجهٍ مُختلفة، يمثّل كلُّ وجهٍ واحداً من المُقاربات التي يُمكن الاستناد عليها لتوضيح المُشكلة، وهذه الأوجه هي: 

  1. الوصف
  2. المُقارنة
  3. الرّبط
  4. التَّحليل
  5. التطبيق
  6. المُقابلة

- خَريطة الأفكار: ترتكز هذه النقطة على دوين الفِكرة الرئيسيَّة لموضوع العصف الذِّهني على السّبورة، أو في مُنتصف ورقةٍ بيضاء، يليها البدء بكتابة الكلمات أو المفاهيم التي ترتبط بهذه الفكرة، والانتقال بعدها إلى مكانٍ فارغ على السّبورة أو الورقة لتوسيع دائرة الكتابة، مع الحرص على عدم التوقّف لأيِّ سببٍ كان، حتى تمتلئ بكافة الأفكار المتولِّدة، حتى لو لم تكن تلك الأفكار ذات أهميّة للفكرة الرئيسيّة، أو حتّى لا تمت لها بصلةٍ أبداً.

- الأجزاء: تقوم هذه النقطة على تقسيم الفِكرة الرئيسيّة إلى فروعٍ رئيسيَّة، ومن ثمّ تقسيم الفروع إلى أقسام فرعيَّة، ويتم خِلالها تعبئة أفكار خاصّة بالفكرة الرئيسيَّة، وأخرى خاصَّة بالفرعيَّة، وهكذا، وفي النهاية يجب إيجاد رابط بين كافَّة الأفكار المدوَّنة.

- الأسئلة الصحفيَّة: ترتكز هذه النقطة على استخدام ستَّة من الأسئلة الصحفيّة خلال المُقابلات، وهي: (من، ماذا، متى، أين، كيف، لماذا)، حيث يقوم الفرد بطرح هذه الأسئلة على نفسه، ويربطها بموضوع العصف الذِّهني، وفي النهاية تدوين إجابات كل سؤال.

- التَّفكير خارِج الصُّندوق: وتقوم هذه النقطة على استخدام الأفكار والمفاهيم الأخرى، غير التي تستخدم عادةً، وينتج عن هذا الأمر خلق أفكار إبداعيّة لا يُستهان بها.

- الأشكال والرُّسوم البيانيَّة: تقوم هذه الطريقة على إنشاء مجموعة من الأشكال والرّسوم البيانيّة، لتمثيل الأفكار المتولِّدة من جلسات العصف الذِّهني، وتعتبر هذه الطريقة فعّالة عند الأفراد الذين يَميلون إلى التعلُّم البصري.

- الهدف والجمهور: ترتكز هذه النقطة على تحديد الهدف – محور موضوع جلسة العصف الذِّهني-، إضافةً لمعرفة الجمهور المُستهدف.

- استخدام مَصادِر المَعرفة: وذلك من استخدام مجموعة من الوسائِل التثقيفيَّة والمعرفيّة للاطلاع على الأفكار الجديدة، والكشف عن المفاهيم التي تربطها علاقة بالموضوع المطروح في جلسات العصف الذِّهني، ومن هذه المصادر المكتبات والقواميس والموسوعات، إضافةً للإنترنت.

 

 

مقالات متعلقة في تقنيات منوعة