علم النفس الإكلينيكي

علم النفس الإكلينيكي، نشأة العلم الإكلينيكي، أهداف العلم الإكلينيكي، أخلاقيات العلم الإكلينيكي، متطلبات ممارسة مهنة علم النفس الإكلينيكي، التشخيص في علم النفس

  • 939 مشاهدة
  • Feb 12,2022 تاريخ النشر
  • الكاتب وائل حمزة
  • ( تعليق)
علم النفس الإكلينيكي

علم النفس الإكلينيكي

 

علم النَّفس الإكلينيكي عبارة عن مزيجٍ بين النّظريات، والعلوم والمعرفة السريريَّة، من أجل فهم طبيعة الضُّغوط والاضطِّرابات، ومعرفة الأمراض النفسيّة وماذا ينتُج عنها، للتخفيف من أعراضها والسّيطرة عليها، وذلك من خلال التّشخيص والفحص والعلاج.

كما أنَّه يعمل على تعزيز السّعادة الذاتيَّة لدى المريض، مِمَّا يجعلهُ يتقدَّم بشكلٍ إيجابي في التحسُّن؛ وقطع شوطٍ كبير بالسيطرة على المشاكل التي يُعاني منها، لذلك يَرتكز في أسلوبِه على الاعتماد في علاجه على العلاج النَّفسي، والعلاج الدَّوائي.

في مُعظم الدُّول تعتبر أنَّ هذا العلم هو أساس لكُل العلوم النفسيّةِ الأخرى، ومن المِهن الطبيَّة المُعتمدة في العلاجات النفسيّة، ويَحكم هذه المهنة مجموعةً من القوانين والقواعد، بالإضافة لِلمعايير الدوليّة.

 

نشأة العلم الإكلينيكي

تعود نشأة هذا العلم للعالِم الألماني (فيلهلم فونت)، عام 1879، حيثُ أنشأ أوَّل مؤسّسة مُتَخصِّصة في جميع الأبحاث النفسيّة.

لقد كان عِلاج الاضطِرَابَات والأزمات النفسيّة من الأمراض والمشاكل الموجودة مُنذُ زمنٍ بعيد، ولقد حاول جميع العُلماء اكتشافها والتعمُّق بها؛ من أجل إيجاد الحُلولِ لها، وكانوا قديماً يلجؤون للوسائل النظريّة والدينيّة لتفسير الحالات، وإِيجاد علاجٍ لها، أو للسِّحر والشعوذة.

ومن الأطباء المعروفين باهتمامهم بهذا العلم: (أبو بكرٍ الرَّازي، وباتانجالي، وجلال الدِّين الرُّومي، وأبن سينا)، وفي القرن التَّاسع عشر، بدأ بعض العُلماء باعتماد أسلوبٍ آخر في تشخيص طبيعة الإنسان؛ من خلال فحصِ رأّسه وتحليل شخصيّتهِ، والاعتماد على شكل الجُمجُمة، وتقاسيم الوجه، باستخدام علم (الفيزيونومي)، والبعض الآخر اعتمدوا على التّنويم المغناطيسي في علاج الأمراض النفسيّة، كما لجأ البعض في ذلك الوقت إلى اعتماد الفكرة الروحانيّة، مثل العالم (فينياس كويمبي) الأمريكي الجنسيّة.

 

أهداف العلم الإكلينيكي

  •  اكتشاف نوع القلق والاضطِرابات التي يُعاني منها المريض، وإيجاد الوسائل الخاصَّة التي تُخفِّف من حِدّة هذه العوارض، والسّيطرة عليها واختفائِها إذا أمكن، ومُساعدة الأفراد على إيجاد السَّكنة، ومُقاومة المعوِّقات.
  •  يكون المريض في بعض الحالات مُنعدم اجتماعيَّاً ومهنيَّاً في الحياة، لذلك يُقدِّم هذا العلم المُساعدة لجعل المريض يَخرج من هذه الحُفرة، والتّأقلم مع المحيط، من أشخاصٍ، وحياةٍ اجتماعيَّة أو عمليّةً كانت، وكيفيّة التّعاطي معها.
  •  يجعله يضع هدفاً في حياته، والإصرار على تحقيقه، ومُحاولة إزالة المعوِّقات من أمامه.
  •  عمل جَلساتٍ مُتكرِّرة لِلمريض، وقد تكون أسبوعيّة، من أجل التحدُّث معه، ومعرفة التّحسن الذي وصلَ إليه.
  •  تفسير نوع الأزمات الّتي يعيشها المريض.
  •  معرفة كيف يُفكِّر المريض، وماذا يجول في رأّسه، لكشف حَقائِقَ مُختلفة، مثل إذا كان لديه نيَّة للانتحار، أو تعريض نفسه والذين حولهُ لِلخطر .

 

أخلاقيَّات العلم الإكلينيكي

المُعالج والمريض تربِطهُم علاقةً قويّةً جِدَّاً، ويُصبح المريض يرى المُعالج هو ملاذَهُ الأخير، ويثق بهِ أكثر من أقرب النَّاس إليه، وكما أنَّ المُعالج يدخُل في خصوصيَّات المريض العميقة، ويُصبح مخزناً لأسراره التي لا يبوحُ بها حتّى لنفسه، لكن هذه العلاقة مهما كانت قويّة، فهي بالنِّهاية مربوطةً بخيطٍ رفيع، وكأنَّ الشَّخص يسير على حافَّةِ الهاوية، خطأٌ صغير يُمكن أن يسقُط للأسفل، للأسف هكذا هي علاقة المُعالج بمريضه، رُبَّما بتعبيرٍ مُعيَّن، أو تصرُّفٍ أو أسلوبٍ يُفتهم بشكلٍ خاطئ من قبل المريض، مِمَّا قد يجعلهُ عُرضةً للخطر على نفسه، أو الذين حوله.

ومن أجلِ كُلِّ هذا، وضعت الجمعيَّة الأمريكيّة المُختصّة في مجال علم النَّفس؛ بعض القواعد الّتي يجب اتِّباعها من قبل المُمارسين والعلماء مع المريض، منها:

  •  الإحسان، وعدم الإزعاج: حيث يتوجَّب على كُلِّ عالِمٍ أن يُقدِّم الفائدة للمريض، ويُحسن له، وقراءة ما يجول في ذهنه من أفكار مؤْذية، والعمل على مُعالجتها، وتقديم المُساعدة لتجنُّبها.
  •  الإخلاص: على العالِم أن يكون مُخلصاً مع مريضه، وتكوين عِلاقة صداقة بينهما، وأن لا يُعامله مُعاملةَ المريض، ويكون من الأشخاص المُساندين له وقت الحاجة، لأنَّ المريض عند الانزعاج قد لا يجد أَمَامه سوى مُعالجه.
  •  النَّزاهة: إنّ ما يُميِّز مهنة عالم النَّفس هي المصداقيَّة والنَّزاهة، لذا يجب الإبلاغ عن كُلِّ البيانات العلميّة، والحقائق التي توصّلَ لها خلال فترة العلاج.
  •  العدالة: من حق كُلّ مريضٍ أن يُعامَل بعدل، ويأخذ حقَّهُ ووقته الكافي من المُعالجة، وتقديم الرّعاية الكافية له، والتي تكون من خلال الاهتمام والرقّة، وتتمثَّل بآداب التعامُل.
  •  احترام حقّ المريض وكرامته: يجب على عالم النَّفس أن يحترم خصوصيّة مريضه، وكل ما يعرفهُ من أمورٍ عنه، وطريقة العلاج المُتّبعة.

 

مُتطلَّبات مُمارسة مهنة علم النَّفس الإكلينيكي

يحتاج الفرد حتّى يُصبح عالِم نفسٍ إكلينيكي؛ أخذ شهادة البكالوريوس في علم النَّفس، ثُمَّ مُتابعة الدِّراسات العُليا، والحصول على شهاداتها في مجال علم النَّفس الإكلينيكي، ويُعتبر المَاجِستِير أقلَّ شهادةٍ من الشهادات الدراسيّة لكي يحصل الفرد على التّرخيص، ولهذا من الأفضل والأكثر ثقة الحصول على شهادة في الدُّكتوراة المُختصّة بهذا العلم، والدُّكتوراة لها نوعان، هُما:

  1.  دُكتوراة في علم النَّفس، وترتكز هذه الدُّكتوراة على العمل السّريري، أو بما يُسمَّى الإكلينيكي.
  2.  دُكتوراة في فلسفة علم النَّفس، وهو علم الأجسام الحيّة، ويعتمد في تفسيراته على مُعطيات تتّبع المبادئ الميتافيزيقيّة، وبمعنى آخر، هو كُل ما فوقَ الطّبيعة.

 

التّشخيص في علم النفس الإكلينيكي

يتم تشخيص حالة المريض للوصول إلى فهم المشكلة، وإيجاد حلولٍ لها، وذلك من خلال مرحلتين:

  •  المُقابلة: وهي من أهم الأدوات المُستخدمة في علم النَّفس السّريري، وتستخدم لهدفين، وهما: (التّشخيص، والعلاج)، وهي مواجهةٌ بين المريض والعالِم، ويدور فيها حواراً بينهما؛ وذلك من خلال طرح مجموعة من الأسئلة التي تُسأَل للمريض، ويُترك له الوقت الكافِ، والحريّة في الإجابة أو عدم الإجابة، وهنا يكون الأخصائي يَمتلك الفنّيات الخاصَّة المُعتمدة في العلاج، حيثُ يقوم بمُشاهدة تعابيره، ومُراقبة كُلَّ جملةٍ يتفوَّه بها المريض، ومعرفة ردَّة أفعاله، وأن يستمع له بتركيز، وجعله يَشعُر بالاهتمام.
  •  التقييم النَّفسي أحد أدوات التّشخيص: ويُعتبر التقييم النَّفسي من المجالات المُهمَّة التي تجعل الأخصائيين الإكلينيكيِّين لديهم المزيد من المعرفة، بالإضافة للخِبرة، وعادةً تُستخدم نتائج هذه التَّقييمات من أجل التوصُّل لآراء وأفكار عامّة عن الحالة، وتشكيل صورةً واضحةً عنها، لمعرفة كيفيّة العلاج، ومن أينَ سوفَ يبدأ هذا العلاج، وتندرج هذه التقاسيم من خلال اَلتَّصنيفات التّالية:
  1. اختبارات الذَّكاء: وتعمل هذه الاختبارات على قياس مستوى الذّكاء المعرفي والإدراكي الّتي يصل إليها الفرد، ومن هذه الاختبارات، اختبار (وكسلر) الذي يَقِيس ذكاء الأطفال، والمهارات اللفظيّة، والذّاكرة، والمعلومات العامَّة، وقياس درجة التّفكير، ومعرفة مستوى الإدراك البصري والمكاني.
  2. الاختبارات الشخصيّة: ويهدف هذا الاختبار لوصف نمط الأفكار، والشُّعور الذي يتميَّز بهِ الفرد، وتنقسم هذه الاختبارات إلى قسمين: اختبار الموضوعيّة والإسقاطي، وتقوم الاختبارات الموضوعيّة على تقييم الشخصيّة، وقياسُها من خلال إجاباتٍ مُحدَّدة؛ مثلَ (صح أو خطأ)، أمَّا الاختبار الإسقاطي، هو الاختبار الذي يسمح للفرد بالإجابة المفتوحة من دون تحديد أيّ قاعدةٍ له، مِمَّا يجعله يكشف عن شخصيَّته، وحالته النفسيّة.
  3. الاختبارات العصبيّة النفسيّة: وتعمل هذه الاختبارات على قياس الوظائف النفسيّة المُرتبطة ببُنيةٍ خاصَّة في الدماغ، ويُستخدم هذا الاختبار لتقييم العجز بسبب إصابةٍ أو مرض، والقصور الحاصل عند الفرد، وتأثيره على الوظيفة المعرفيَّة.
  4. المُلاحظة الإكلينيكيَّة: وهي مُراقبة الفرد وسلوكه، وملاحظة حالته المزاجيّة وسلوكه العام، وقدرته على الإدراك للوقائع من حوله.

 

الخدمات الّتي يُقدِّمها العلم الإكلينيكي

  •  يهتم بوضع التّقييمات، وإجراء الاختبارات النفسيّة، وتفسير الحالات.
  •  إجراء الأبحاث المُتعلِّقة بالأمراض النفسيّة، وما يتبعها.
  •  تقديم الاستشارات للمؤسسات والجمعيَّات، مثل المدارس والجامعات
  •  وضع برنامج للوقاية والعلاج النَّفسي.
  •  إقامة جلساتٍ للعلاج النَّفسي، والعمل على إدارتها.
  • العمل في التّدريس بالجامعات كأكاديميين .

 

مقالات متعلقة في علم نفس