معلومات عن اليابان، الثقافة اليابانية، الثقافة اليابانية في الحياة، ديانة اليابان، مميزات دولة اليابان، معلومات عن عادات وتقاليد اليابان
تتمتّع اليابان بثقافةٍ رائعة متعدِّدة الأوجه، فمن ناحية هي غارقة في أعمق التقاليد التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين؛ ومن ناحيةٍ أخرى المجتمع الياباني يسير بشكلٍ سريع لمواكبة كافة التطوّرات العلميّة والصناعيّة والتكنلوجيّة، الأمر الذي يجعله بلداً يتميّز عن باقي بلاد العالم في تشبثه بالماضي ومواكبة الحاضر بصورة قلّ نظيرها بين بلاد العالم، ويجعله القبلة الأولى للباحثين عن التميّز وكل ما هو استثنائي.
يبدو للوهلة الأولى أنَّ اليابانيين من أكثر المجموعات تجانساً اجتماعيَّاً وعرقيَّاً في العالم، فمن المنطقي مساواة التطور الاقتصادي السريع لليابان في فترة ما بعد الحرب بالتسعينيات بالتضامن الاجتماعي والامتثال لكافة القوانين، وعلى الرّغم من نقص العمالة منذ الستينيات، فقد قاومت السلطات رسمياً على معاقبة العمَّال الأجانب حتّى الثمانينيات، معتمدةً على زيادة الميكنة وزيادة قوة العمل النسائية بدلاً من ذلك، وحتّى وقتٍ قريب، ارتبط العمال اليابانيون بشكلٍ أساسي بالشركة التي يعملون بها، فعلى سبيل المثال يقدِّم رجل الأعمال نفسه على أنه "نيسان نو تاكاهاشي سان"، أي (أنا السيد تاكاهاشي من نيسان).
من خلال المتابعة، قد نحصل على فكرة أن الشخص الياباني يُخضع نفسه لأهداف المجتمع، ومع ذلك ففي عام 2008 استقال السياسي الياباني (ناريكي ناكاياما) من منصبه بعد أن أعلن أن اليابان "متجانسة إثنياً"، مما يدل على أنّ فكرة "شعب واحد، وعرق واحد" القديمة أصبحت غير صحيحة من الناحية السياسيّة، وقد ركّز النقد الموجه لبيان ناكاياما على تجاهله لسكان ريوكيوكان الأصليين في جنوب أوكيناوا، وشعب الأينو من جزيرة هوكايدو الشماليّة التي استعمرها اليابانيون في أواخر القرن التاسع عشر، وفي عام 1994، تمّ انتخاب أوّل سياسي من الإينو في البرلمان الياباني، مما يشير إلى أنّ اليابانيين حريصون على الاعتراف رسمياً بالمجموعات العرقيَّة المتميِّزة في اليابان.
الدين في اليابان هو مزيجٌ رائع من الأفكار المشتركة والمأخوذة من الشنتويّة والبوذيّة، على عكس الغرب، فنادراً ما يتم التّبشير بالدّين في اليابان، كما أنّه ليس عقيدة، بل هو قانونٌ أخلاقي وطريقة حياة لا يُمكن تمييزها تقريباً عن القيم الاجتماعيّة والثقافيّة اليابانيّة.
الدّين الياباني هو أيضاً هو شأنٌ عائلي خاص مُنفصل عن الدولة؛ فلا يمكن أن تجد إقامة صلوات، أو تشاهد رموزاً دينيّة في احتفالات التخرّج على سبيل المثال، حيث أنّه من النادر مُناقشة الدِّين في الحياة اليوميِّة، ولا يُمارس غالبيّة اليابانيين العبادة بانتظام أو يزعمون أنهم متدينون، ومع ذلك يلجأ مُعظم النّاس إلى الطقوس الدينيَّة في الولادة والزواج والموت، ويشاركون في الماتسوري الرّوحي (أو المهرجانات) على مدار العام.
حتّى الحرب العالمية الثانية، ركّز الدين الياباني حول شخصيَّة الامبراطور كإلهٍ حي، وكان الأشخاص يرون أنفسهم جزءاً من عائلةٍ ضخمة، تجمع هذه العائلة جميع أفراد الشّعب الياباني.
الهزيمة السّاحقة لليابان في الحرب حطّمت معتقدات الكثير من الناس، فبعد أن تمّ بث الصوت الضعيف والمهزوم للإمبراطور للأمة، نجم عنه تخلي الكثيرين عن اعتباره إلهاً، وشهدت الفترة منذ ذلك الحين علمنة المجتمع الياباني بشكلٍ دراماتيكي تقريبًا، مثل المعجزة الاقتصادية التي شهدها اقتصاد اليابان في فترة ما بعد الحرب، ومع ذلك فقد نجا الكثير من الطّقوس من انهيار المعتقد الديني هناك، أمّا اليوم يعكس الدّين الهويّة اليابانية أكثر من كونه روحانياً، ويُساعد في تقوية الروابط الأسريّة والمجتمعيّة.
الشنتوية هي الروحانيّة الأصليّة لليابان، ويُعتقد أنّ كل كائن حي في الطّبيعة (كالأشجار، والصّخور، والزّهور، والحيوانات، وحتّى الأصوات) تحتوي جميعها على (كامي) أو آلهة، وبالتالي يمكن رؤية مبادئ الشنتو في جميع أشكال الثقافة اليابانيّة، حيث يتم الاعتزاز بالطبيعة وتغيّر الفصول، وينعكس هذا الأمر في فنون مثل إيكيبانا (تنسيق الزهور) والبونساي، وتصميم الحدائق اليابانية، والاحتفال السنوي بساكورا، أو أزهار الكرز.
لم تحصل الشنتو على اسمها إلا عندما جاءت البوذيّة إلى اليابان عن طريق الصين والتبت وفيتنام وكوريا، فقد وصلت البوذيَّة في القرن السادس، وانتشرت في نارا، ومع مرور الوقت انقسمت البوذيَّة إلى عدَّة طوائف، وأشهرها (زن) البوذية.
في الجوهر الشنتوية هي روحانية هذا العالم وهذه الحياة ، بينما البوذية معنيّة بالرّوح والحياة الآخرة، وهذا يُفسِّر سبب وجود الديانتين معاً بنجاح بالنسبة لليابانيين بشكلٍ متكامل دون وجود متناقضات، وفي الاحتفال بالولادة أو الزَّواج، أو للصلاة من أجل حصادٍ جيِّد، يلجأ اليابانيّون إلى الشنتوية، أما في الجنازات فعادةً ما تكون الاحتفالات بوذيّة.
تُعتبر العادات والتقاليد جزءاً مُهماً في العديد من جوانب الحياة اليابانيّة، فيكبر اليابانيون ويترعرعون على التقاط التفاصيل الدقيقة لهذه الثقافة الفريدة خلال حياتهم، مع احترام القواعد المجتمعيّة غير المرئيّة والمتنوعة، وهناك العديد من جوانب هذه الثقافة التي تبدو معقّدة، والتي لا يُتوقع منك كزائرٍ أجنبي أن تعرفها، ولكن هناك بعض الأشياء التي سيكون من السّهل فهمها.
واحدة من أكثر الأعراف الاجتماعيّة وضوحاً في المجتمع الياباني هي الانحناء، فالجميع هناك ينحني عندما يقولون مرحبا أو داعا، أو شكراً لك أو آسف، والانحناء هو مصطلح احترام وندم وامتنان وتحيّة، فإذا قابلت شخصاً ما في اليابان، فقد ترغب في منحه القليل من الانحناء، لكنَّك لست بحاجة بالضّرورة إلى الانحناء لكل من ينحني لك، فعند دخولك متجراً أو مطعماً على سبيل المثال، سيتم استقبالك بصرخات ترحيب وقوسٍ من الموظفين، كعلامة على الاحترام لك.
هناك العديد من أشكال الانحناء، مثل (قوس سايكيري) بزاوية 45 درجة، والتي تُستخدم عادةً للاعتذار الصادق، أو لإظهار أعلى درجات الاحترام، أو (قوس كيري) بزاوية 30 درجة، والذي يُستخدم أيضًا لإظهار الاحترام للرؤساء، أو (قوس إيشاكو) 15 درجة، وهي تحيّة شبه رسميّة تستخدم لالقاء التحيّة عند اجتماع الناس للمرّة الأولى، أما في هذه الأيّام فاليابانيين معتادون أكثر على المصافحة.
ومن العادات اليابانيّة الأخرى (خلع الحذاء)، من المعتاد في اليابان خلع حذائك عند دخول ريوكان تقليدي (بيت ضيافة) أو منزل أو معبد أو مطعم عرضي على سبيل المثال.
تقليديّاً يخلع اليابانيون أحذيتهم عند دخولهم إلى منازلهم، حيث كان النّاس ينامون ويجلسون ويأكلون على أرضيّات من حصير التاتامي، كما أن الأحذية التي يتم ارتداؤها في الخارج تنشر الأوساخ في منطقة معيشتهم، وما يزال الناس حتّى اليوم يخلعون أحذيتهم جزئيًا، ليس بهدف الحفاظ على نظافة الجزء الداخلي من المبنى وحسب، ولكن أيضاً كدليل على الاحترام.
بالنسبة للمهتمين بالتاريخ الياباني ، فإن ثقافة الساموراي والدور الذي لعبته هذه الطبقة العسكرية في تشكيل اليابان هو دورٌ رائع، فعلى الرّغم من أنَّ الساموراي لم يعد موجوداً، إلا أنَّ تأثير هؤلاء المُحاربين العِظام لا يزال يظهر بعمق في الثقافة اليابانيَّة، ويُمكن رؤية تراث الساموراي في جميع أنحاء اليابان، سواء كانت قلعة رائعة، أو حديقة مخطّطة بعناية، أو مساكن الساموراي المحفوظة بشكلٍ جميل، كما أنَّها متأصِّلة بعمق في أعماق الشّعب الياباني.
أساس سلوك الساموراي هو (بوشيدو) "طريق المحارب"، فهذه الفلسفة الفريدة من نوعها تقدِّر الشرف والشجاعة المتهوِّرة ونكران الذات، وكذلك الواجب تجاه السيِّد المحارب بهدف التخلّي عن الحياة واحتضان الموت.
لم يكن هناك مكان للخوف في طريق المحارب، وكان هذا السلوك من الانضباط الذّاتي، والسلوك الأخلاقي المحترم قد أصبح نموذجاً لسلوك الطبقات الأخرى طوال تاريخ اليابان.
جميع الحقوق محفوظة © 2020 | موقع أجراس