بول فاليري، نبذة عن حياة بول فاليري، بول فاليري والمذهب البرناسي، بول فاليري والشعر، رأي بول فاليري بالشعر المترجم، مفهوم بول فاليري في الأدب، اقتباسات بول ف
بول فاليري، كاتبٌ وشاعرٌ وفيلسوفٌ فرنسي، ولد في تاريخ 1871م، وتوفي عام 1945م، أهتمَّ كثيراً بكتابَة القصص والروايات، وكتابَة المَسرحيَّات، وقد دوّنَ العديد من الكُتب في التاريخ والفن والموسيقى، بالإضافة للأدب.
كما درس فاليري القانون وعمل مُحامياً، حيثُ تكلَّم عن الشعر من منطلق المحاماة، وقال:
"بالرَّغم من أنَّ الشعر هو جريمَة غير مُنظَّمة، لكنَّه في النِّهاية سيكون البطلُ الّذي يُترجم حركة قوائم سرير بروكوست"، ويقصد فاليري بسرير بروكوست إلى الأسطورة اليونانيّة التي تتحدَّث عن حدادٍ يضع أشخاصاً على السرير، وكُلَّ من زادَ طولُهُ وحجمهُ عن السرير، يقوم ببتر أعضائه الزَّائدة والخارجة، ولا ينجو إلَّا من تناسب مقاسه مع هذا السرير، وهذا يدل على الأفكار التي يمتلكُها بعض الناس ويفرضونها على الآخرين رغماً عنهم.
وهو صاحب الجملة الشهيرة:
"نحن الحضارات؛ ونعلم أنَّنا فانون"، حيث عبَّر عن قلقهِ في مقالةٍ أشار فيها إلى الحرب العالميَّة الأولى، كواحدةٍ من أبشع الحروب التي خلَّفت المجازر الجماعيّة، وأنهت الحضارات، ودمَّرتها ذاتيَّاً.
يُعتبر بول من أهم زُعماء المدرسة الرمزيَّة في الشِّعر، وكتب ما يُقارب مائة قصيدة شعريّة في الرمزيَّة، تحت عنوان (أبياتٍ قديمة)، والرمزيَّة هي عبارة عن حركة اهتمَّت في الأدب والفن، حيث ظهرت في فرنسا، واعتمدت في التَّعبير عن فنّها بالأسلوب الرَّمزي، بحيثُ تجعل القارئ والناظر يفهم ما يشعر به الفنان والشاعر من خلال رموزٍ مُعيّنة، مثلَ رسم لوحة تكون شبيهة برمزٍ يُشير إلى المغزى الّذي يقصدُه الفنان، فهي تترك للناس الحُكم على ما توصلَّوا إِليهِ وشعروا بهِ.
ولقد تألَّق فاليري في حقبة ما قبل الحرب العالمية الثانيَة، وبدأ بنشر الكثير من دواوين الشِّعر، ومنها أبياتٌ قديمة، وأوبالينوس وغيرها، والتي كانت تُعد من أهم ما كُتِبَ في ذلك الوقت.
وكان للشاعر (مالارميه) أثرٌ كبير على فاليري، حيث قال عنه:
"فقد فتح لي مالارميه باب المُدُن السحريّة للأدب، عندما منح جَسدي جناحاً شعريَّاً، وسُرعان ما استطعت أن أزرع مُقابله الجناح الآخر؛ لأطير فوق المقبرة البحريّة"، والمقبرة البحريّة هي إحدى مؤلَّفاته، فلقد تأثَّرَ بهِ وفي كتاباته، وتكلَّم عن النَّفس والأفكار المُجرَّدة، وابتكر أفكاره الخاصَّة بهِ.
كان فاليري يرفض المذهب البرناسي الذي يتبنَّى فكرة أنّ الأدب والشِّعر هو غايةٌ بِحدِّ ذاته، ويجب الامتناع عن استخدامه في مُعالجة قضايا المُجتمع والسياسة، ويرى هذا المذهب بأنَّ الأدب ينبغي أن يُنتّج بعيداً عن الاعتبار الوطني والاجتماعي والسياسي، حيث قال فاليري بهذا الخصوص:
"إنَّ الشِّعر حالةٌ فرديَّة، لا يُمكن وضعه في السِّجن وخلفَ القُضبان، والتَّعامُل معه على أساس أنَّه ثكنَةً عسكريّة تتَّبع ضوابط في مُحاربة العواطف والأحاسيس الّتي تغمُر الأجساد الآدميّة... كُلُّ قصيدةٍ بالنِّسبة لي هي بمثابة حُلُمٍ لا يُمكن زجّهُ في قفصٍ أو جسد، أو أتّبَع نظامٍ لغويٍّ قاسٍ حديدي يقوم على وظائف تنفي المشاعر وقتلها وفصل الحواس عن اللُّغَة".
يرى فاليري أنّ الشِّعر مثل الجنين الّذي يتكوَّن في رحم الأُم، ويبدأ بالنُّمو حتّى يُصبح مُتكامل، وتتشكَّل تِلكَ القصيدة، ويَنتُج عنها لَهَبٌ مُضيء يَمتزِج مع الحواسِّ البشريَّة، لتبلُغ مرحلة الضَّوء الساطع، ثُمَّ الرَّماد، فالشِّعر عبارة عن ظاهرة روحيّة تخرُج من تُربة الشَّاعر.
ويصف فاليري الشِّعر بأنَّه يولد مُقفلٌ بِإِحكام، مثلَ قفلٍ لا مِفتاح لهُ، حتّى تَصنع أنتَ المِفتاح الذكيّ؛ وتُفكِّك كيانهِ القادر على بعثرة الغُيوم المُتجمِّعة داخل رأسك، وإذا لم تسطيع أن تصنع هذا المفتاح في قصائدك، فعلى القارئ أن يُغادر النص، والعمل على لَملَمة شَتات نفسك وعِظام جسدك بهدوء، وأخذ استراحةٍ غير محدودة من آلام الغباء في الخارج البعيد.
فـ"الشِّعر هو فيتامينٌ يُشبه في صُنعه دَواءً لِعلاج النُّفوس المُنكسرةِ الحزينة القارعَة على حافَّة الهاوية، وكذلك فإنَّ الشعر صَفوَة الثمالة الإلهيّة في كلّ ما هو ساحرٍ ومسحور بالشهوة".
لم يُشجِّع فاليري على ترجمة الشّعر إلى لُغاتٍ مُختلفة، وقال أنّ الشّعر قد يفقد رونقهُ وقيمتهُ الشعريَّة من خلال الترجمة، حيث أنَّ كُلُّ لُغةٍ لديها مُفرداتها وتعابيرها الخاصَّة، وعند ترجمتها إلى لُغةٍ أُخرى قد تختلف تلك المعاني، وتختفي القيمة الحقيقيَّة، ولا تصل تلك المشاعر والأحاسِيس للقارئ، فيجب أن تبقى على ما هي عليه من مُعاناةٍ وحُبٍ وغضب في البيئة الّتي خُلقت فيها .
لا يوجد قيمةٌ للأدب - من وجهة نظر فاليري - إذا لم يمنحنا ذلك الإحساس بالاكتشاف، فحقيقة الأدب ليس القيام بنسخ ما هو موجود ووصفه، بل يجب أن نصنعه، ونعمل على بناء ذلك كُلِّه، وكأنَّه حدث لأوَّل مرَّة.
الكتابَة هي صناعة البِناء في إعادة خلق الهويّة الذاتيّة من جديد، من خلال إعادة الاختيار داخل الذَّات، وحذف بعض الأشياء منها، لتُعرِّفنا بما نجهله، وكأنَّ المعرفة تبدأ من خلال معرفة الشّخص بنفسه مدى الجَّهل الذي يُحيط به.
فأنا لا أحمل القلم إلا من أجل الكتابة عن مُستقبلٍ فكري وما يُفيد المُجتمع، والتطلُّع إِلَيهِ، ليس من أجل كتابة ماضِيه، فالماضي قد ذهب، ولا يُفيد الأُمّة في شيء، فلا بُدَّ من النّظر للأمام حتّى نرتقي، فأنا أكتب لأُبصر، وأصنع لأوضِّح، لِنَبني الأمل وننهض من جديد.
ويَصف فاليري مبدئه الأدبي، أنَّه مُضادٌّ للأدب، فهو غَريزيٌّ؛ لا يميل إلّا لكتابة ما يعرفه بذاته.
بعضاً من قصائد فاليري
في اضطِّراب المساء كامرأةٍ فضوليَّة وسط حشدٍ من الناس تجد نفسها في الصفِّ الأمامي
والماء الحي.. كأنَّه يسعى وراء شيءٍ ما
والشمس كأنَّها تبحث في بطءٍ
خطوةً خطوة عن النُّقطةِ التي ستُبصر منها شيئاً ما.
كما أنَّ الكون ليس سوى فقَّاعةٍ في طهارة الفضاء الشامل
ليس الكون سوى عصفورٍ في هذا الامتداد.
من هم شعراء المهجر
ادب مريد البرغوثي – شاعر الشتات الفلسطيني
الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي
الشعر الأيوبي في الدراسات الحديثة والمعاصرة
بحث عن الشاعر امرئ القيس
قومية احمد شوقي
المتنبي شاعر العرب في كل العصور
أشهر أدباء وشعراء الأدب الإنجليزي
جميع الحقوق محفوظة © 2020 | موقع أجراس