أحمس الأول وحربه مع الهكسوس، سيطرة الهكسوس، غزو الهكسوس، الحملة الاولى على الهكسوس، عهد الملك احمس الاول، بداية المعركة، الاسرة الثالثة عشر، امنمحات الاول، إتج
من أشهر أسر الحضارة المصريّة القديمة الأسرة الثامنة عشرة، والتي يعود الفضل لها في إنشاء المملكة الفرعونيّة الحديثة، وفراعنة هذه الأسرة هم من أشهر الفراعنة الذين خلدهم التاريخ حتى يومنا هذا، حيث أنَّ أشهر ملوكها الملك (توت عنخ آمون)، إضافةً لـ(أخناتون)، والملكة (حتشبسوت).
أمَّا مؤسس هذه الأسرة العظيمة هو الملك (أحمس الأول)، والذي يعود له الفضل الكبير في تأسيس واذدهار الدولة الفرعونيَّة الحديثة، وسنقوم في مقالتنا هذه من منصة أجراس بتزويدكم بمزيد من التفاصيل عن هذه الدولة العظيمة، والأزمات التي اعترضتها، وكيف تمَّ التغلب عليها، وأهمها حرب المملكة الفرعونية ضد الهكسوس.
تعد الفترة التي تزامنت مع تولي الأسرة الثالثة عشر من أضعف الفترات في التاريخ الفرعوني القديم، ومن مظاهر هذا الضعف انخفاض الرخاء، وتزايد سلطة الحكام في مدن الدولة، إضافةً لاستقلالهم في اتخاذ القرارات على اختلافها، ليضعوا حداً لتدخل الحكومة المركزيّة في إدارة شؤون الدولة ككل، وعندما قام الملك (أمنمحات الأول)، وهو أول ملوك الأسرة الثانية عشرة العاصمة من مدينة (طيبة) إلى المنطقة التي تسمى اليوم بالفيوم، والتي كان يُطلق عليها في ذلك الوقت اسم (إتج تاوي).
والسبب موقعها الذي يسهل السيطرة على مصر العليا والسفلى، هذا عدا عن سيطرة رجال الدين في تلك الفترة على ثروات المدن المادية، والتي كانت سبباً في إضعاف مركزية الحكومة، وقد تزامن هذا التردي في الأوضاع مع سيطرة الهكسوس على أقصى الشمال في مِصر السفلى، وتحديداً على مدينة (أفاريس)، والتي يُطلق عليها اليوم اسم (تل الضبعة الواقعة بمحافظة الشرقيَّة)، وكانت تعتبر تلك المنطقة هي المركز التجاري للمملكة، وأخذت سلتطهم بالتنامي في تلك المنطقة بسبب التجارة، إضافةً للهجرة المتزايدة على المدينة، لدرجة وصل بهم الأمر إلى إعلان الاستقلال عن البلاد، والهكسوس هم مجموعة من الملوك والنبلاء الذين هاجروا بلادهم إبان غزوها.
بعد استقرار الهكسوس، تمكنوا من تأسيس قاعدة صلبة لهم مقابل انهيار الأسرة الفرعونية الثانية عشرة، إضافةً إلى تمكنهم الاندماج في الحياة السياسية والعسكرية للدولة بشكلٍ تدريجي، وبتنامي سلطتهم وسيطرتهم على النقطة المركزية الاقتصادية في البلاد، والتي كانت سبباً مهماً في انهيار الأسرة والفترة (الوسطية) التي حكمتها، وبداية الفترة الانتقالية للبلاد.
أظهرت الوثائق الفرعونية والجداريات التي تمَّ العثور عليها، بأنَّ الهكسوس قد عاثوا فساداً في البلاد، بحيث دمروها ونهبوا خيراتها، وقاموا بإحراق المدن المصرية وتدمير معابدها، واستعبدوا سكانها الأصليين، هذا ما دونه المؤرخ المصري (مانيثو)، لكنَّ الأبحاث المصرية أكدت بأنَّ الهكسوس كانوا منبهرين بالثقافة المصرية القديمة.
وهذا الأمر جعلهم يندمجون في ذلك الإرث واعتماده، ورغم قيامهم بمجموعة من الغارات على المدن المقدسة كـ(ممفيس)، ونهب الآثار والتماثيل الموجودة فيها ونقلها إلى المناطق التي يفرضون السيطرة عليها في (أفاريس)، إلا أنهم عبدوا الآلهة المصرية، وارتدوا ملابس أهل البلاد، إضافةً إلى دمج مجموعة من المصريين التابعين للحكومة المصرية في الحكومة التابعة لهم.
وبعد أن فقدت الحكومة المصرية في (إتج تاوي) السيطرة على المنطقة، قامت بالتخلي عن تلك الجزئية من البلاد لصالح الهكسوس، الأمر الذي أدى إلى عودة العاصمة مجدداً إلى طيبة، وكل هذا التردي لم يكن في صالح الهكسوس فقط، بل كان فرصةً لممالك كوش الواقعة في النوبة، حيث قاموا باستغلالها لاستعادة المساحات التي قامت مصر بفرض السيطرة عليها خلال فترة حكم الملك (سنوسرت الثالث).
واستمر هذا الوضع حتى تولي الأسرة السابعة عشر مقاليد الحكم في البلاد، وتحديداً بعد أن قام ملك الهكسوس (أبو فيس الأول) باستفزاز الملك المصري (رعا تاعا الثاني)، حيث قرر الأخير القضاء على ملك الهكسوس، واستعادة السلطة على المنطقة التي يحكمها.
قام (سقنن رع) بقيادة أولى الحملات الاستكشافية عام 1560ق.م ضدَّ الهكسوس، وقد تمَّ قتله في المعركة التي دارت ضدهم، وعند تولي نجله الأكبر الملك (كاموس)، وهو آخر ملوك الأسرة السابعة عشر مقاليد الحكم في مصر واصل الحرب التي بدأها والده ضدَّ وجود الهكسوس في بلاده.
إضافةً للحروب التي شنها ضدَّ النوبيين، وقد تجاهل الملك كاموس نصائح مستشاريه التي تحذره من القيام بعملٍ عسكري واسع النطاق، وقام بنقل جيشه إلى مدينة (أفاريس) عبر نهر النيل، وقد تمكنوا بالفعل من الوصول إلى المدينة وتدميرها، وطرد الهكسوس منها، وبالرغم من هذا الانتصار، إلا أنَّ الهكسوس كانوا ما يزالوا يسيطرون على الشمال المصري وصولاً إلى مدينة (ممفيس).
حكم الملك كاموس مصر لمدة ثلاثة أعوام بعد انتصاره، وقد استمر طيلة فترة حكمه بمحاربة الوجود الأجنبي في بلاده، ويُرجح بأنه قد تمكن من الاستيلاء على مدينة (ممفيس) بالفعل، وبعد وفاته استلم شقيقه (أحمس الأول) مقاليد الحكم في البلاد، ويعتبر الملك أحمس الأول مؤسس المملكة المصرية الجديدة، والأسرة الثامنة عشرة، وكان ما يزال للهكوس وجوداً واستقلالية في مصر السفلى.
جاءت بداية عهد الملك (أحمس الأول) مع نهاية الفترة الانتقالية الثانية، وكانت البلاد في تلك الفترة ما زالت تعاني من حكم الهكسوس المسيطر على الشمال المصري ومصر السفلى، في المقابل كان النوبيون قد تمكنوا من الاستقلال في الصعيد المصري، وبقيت العاصمة طيبة القابعة في الوسط تمثل حكومةً تقليدية للفراعنة.
وبدأ الملك أحمس الأول فترة حكمه بإجراء مجموعة من الإصلاحات، وتنظيم الحكومة وفق تسلسلٍ هرمي للسلطة، ويمتد هذا التسلسل من الفرعون في الأعلى، إلى الوزير يليه أمين الخزنة الملكية، ويأتِ بعده لواء الجيش، ومن ثمَّ المشرفون على المواقع، يتبعهم الكتبة المحتفظون بالتوثيق والمراسلات والسجلات.
لم يكن النصر الذي حققه أحمس الأول بالسهولة التي يتصورها البعض، فقد استغل الملك التطور الذي جلبه الهكسوس إلى بلادهم، كالعربات التي تجرها الخيول، إضافةً للقوس المركبة، والسيف الذي يسمى (خوبيش)، هذا عدا عن الخناجر التي تمَّ صناعتها من شيفرات برونزية، حيث قام المصريون بتطوير هذه الخناجر، وصنعوا منها سيوفاً سهلة الاستخدام.
تقول بعض المصادر بأنه قد بلغ عدد جيش الملك أحمس الأول حوال 48 ألف جندي، حيث قام بمحاصرة عاصمة الهكسوس في محاولة منه لجعلهم يستسلمون، وكانت نهاية هذا الحصار عقد معاهدةٍ معهم، والتي غادر بموجبها حوالي 240 ألف شخص أرض مصر.
أما النقوش التي تمَّ العثور عليها فتؤكد بأنَّ الملك أحمس الأول قد خاض ثلاثة معارك طاحنة مع الهكسوس، حيث فرَّ من تبقى من الهكسوس إلى أرض فلسطين (شاروهين)، وتذكر تلك النقوش بأنَّه تمَّ محاصرة الهاربين في شاروهين لمدة ستة أعوام قبيل سقوطها، ففر من نجا منهم إلى سوريا هاربين من جيوش الملك أحمس الأول.
عاد جيشه أدراجه إلى مصر بعد أن نجح في هزيمة وطرد الهكسوس إلى حدود مملكته في سوريا، وبعد أن تحقق الانتصار، قام الملك أحمس الأول بتوحيد مصر العليا والسفلى، وتابع تقدمه وانتصاراته، حتى تجاوزت حدود مملكته سوريا والأردن، إضافةً إلى ليبيا الواقعة في الجهة الغربية للمملكة.
الشدة المستنصرية (الشدة العظمى)
لماذا سمي العصر العباسي بالعصر الذهبي
قصة عيد الحب الحقيقية
جميع الحقوق محفوظة © 2020 | موقع أجراس