آرنستو تشي غيفارا، نبذة عن حياة غيفارا، بداية التمرد والثورة، ثورة فيدل وغيفارا في كوبا، استقالة غيفارا وتصدير الثورة، ثورة النهاية وميلاد الحكاية، آرنستو غيفا
آرنستو تشي غيفارا، أو (آرنستو غيفارا دي لاسيرنا)؛ الثائر الأممي العاشق، البطل الخالد، الحاضر الغائب، رحل الجسد فثارت الرُّوح تأبى الرَّحيل، تُجدِّد ثورتها مع انتفاضة كُلِّ شعب على الظُّلم والطُغيان، كيف لا؛ وهو المُعلِّم الأوَّل، الذي سطر حروف سيرته العظيمة بدمه، والذي علّم الكون ماهية الحريَّة، وكيف تكون، والذي أثبت أنَّ القوّة الحقَّة هي في الحق، وأنَّ المُعتدي دائم الانهزام، مهما أوهمته الأحداث بدايةً بأنَّهُ هو المنتصر، ومهما بلفت قوّة عتاده وعُدَّته، فالقوَّة الحقيقيّة تكمن في القلب.
تشي غيفارا هو بحق رسول الحريّة، والثائر لأجل الإنسانيّة وقضيتها، نصير الضُعفاء والفقراء أينما وُجدوا... فلا حدود لثورته، زعيم التمرّد في كُلِّ مكان، وملهم الأحرار حتّى يومنا هذا، وسيبقى أبداً خالداً يحمل ثورته وصفته، واسمه العظيم... (آرنستو تشي غيفارا)، عدو الظُّلم الأوّل، ونصير الأحرار أبدا، وحتّى في يوم موته أعلن خلوده وانتصاره.
وُلِدَ ثائرنا الخالد غيفارا في مدينةِ (روزاريو) الأرجنتينيَّة، في الرَّابع عشر من شهر حزيران عام 1923م، وكان ينتمي إلى عائلةٍ آرستقراطيَّة ميسورة الحال، وتتميّز عائلته بأنَّها كانت تحمل أفكاراً إشتركيَّة، وظهرت ميوله الثوريّة مُنذ نعومة أظفاره، فقد كان يُتابع أحداث الحرب الأهليَّة الإسبانيَّة باهتمامٍ وهو في التَّاسِعةَ من عُمره.
التقى غيفارا بـ(تيتا) – بِرتا غيرتا إنفانتي – عام 1947م، وقد كانت تيتا عضوة في حِزب الشباب الشيوعي الأرجنتيني، وتوطدت علاقتهما بشكلٍ كبير، فقد كانا يتبادلان قراءة النُّصوص الماركسيَّة، ومُناقشة العديد من الأحداث.
وبعد أن أتمَّ غيفارا العشرين من عُمره، التحق بجامعة (بيونس آيرس) لدراسة الطب، وقد كان مُهتمَّاً بدراسته، وتعمَّق في دراسة الكتب والأبحاث التي تتحدّث عن مرض (الرّبو) بشكلٍ خاص، وطرق علاجه؛ لأنّه كان يُعاني من هذا المرض.
قام غيفارا بأولى رحلاته على متن درَّاجةٍ هوائيَّة عام 1950م، مُجتازاً بها مُحافظات الأرجنتين الشماليَّة، حتّى وصل إلى سان فرانسيسكو التي التقى فيها بصديقه (ألبرتو غرانادو)، والذي كان يعمل بأحد مستوصفات المدينة، ولديه اهتمامات بالبحوث العلميَّة الخاصّةِ بأمراض الرّبو والحساسيّة بشكلٍ عام.
في شهر تشرين الأوَّل من عام 1952م، قرَّر غيفارا القيام برحلته الثانية على متن درّاجةٍ ناريّة، برفقة صديقه ألبرتو، وقد قرَّرا أن يجوبا أميركا اللاتينيّة، وفي خلال رحلتهما، وتحديداً في بلدة (ليما)، التقيا بمدير برنامج الجُذام الوطني الدكتور (هوغو بيسي)، وكان واحدا من أتباع الماركسيَّة، فتناقشا هذه الأفكار التي بدأت تستحوذ على اهتمام وتفكير غيفارا تجاه المُجتمع والحياة.
تابع غيفارا رحلته، حيث قام بزيارة غابات الأمازون في البيرو، وقد هاله ما رأى من فقرٍ وبؤس، وجوعٍ ومرض، وقد غادر الغابات حاملاً في قلبه مُعاناة النَّاس هُناك، وتوجَّه إلى (كاراكاس) التي ختم بزيارتها رحلته، وعاد بعدها لإتمام دراسته في بيونس آيرس، وقد توصّل إلى قناعةٍ تامَّة بأنَّ الحل الأوحد لمُحاربة كلِّ المُعاناة والصعوبات التي كان يعيش بِها النَّاس في المناطق التي زارها هي التمرُّد والثَّورة.
تزوّج جيفارا مرّتين، حيث اقترن في المرَّة الأولى بـ(إيلدا جاديا)، أمّأ زوجته الثانية هي (أليدا مارش)، حيث تزوّجها غيفارا عام 1959م، وأنجبت منه ابنتهما (أليدا تشي غيفارا) عام 1960م، وقد كانت زوجته أليدا الأم عضواً في الجيش الكوبي عندما التقت بغيفارا.
في عام 1953م، أنهى آرنستو غيفارا دراسته، وفي ذلك الوقت تحديدا بدأت الأفكار تتبلور داخل رأسه، وتعكس تلك الأفكار سخطه على الهيمنة الرأسماليّة الأمريكيّة على الشعوب البائسة، حيث كان يصرّح دوماً بأنَّ أميركا في ذلك الوقت بـ(أخطبوط الرأسماليّة).
وبدأت توجُّهاته تحمل في أعماقها ثورةً مجلجلة ضِدَّها، فبدأ تحرّكاته باتجاه الهندوراس ونيكاراغوا والسلفادور، وانتهت بـ(غواتيمالا) حيث كانت تشتعل ثورةً في ذلك الوقت بقيادة الضابط (جاكوبو أربينز)، حيث شهد تشي قصف الطيران الأمريكي للأحياء الشعبيّة والمنشآت هناك.
عمل تشي كطبيبٍ عام 1955م، في مستشفى (مكسيكو سيتي)، واستمرَّ في عمله إلى أن التقى بـ(راؤول كاسترو)، وتعرّف بعدها على الأخ الأكبر لرفيقه راؤول (فيدل كاسترو) الماركسي اللِّيني حتّى النخاع، فوجد غيفارا ضالته التي يبحث عنها عند فيدل، فانضمَّ إلى حركته المعروفة باسم (حركة السادس والعشرين من يوليو)، والتي قامت للإطاحة بحُكم الديكتاتور الكوبي (فولغينسيو باتيستا)، وفي لثالث من تموز، قامت الحكومة الكوبيّة بإصدار قرار بترحيل غيفارا إلى بلاده، بسبب نشاطاته السياسيّة ضدَّ الحكومة الكوبيَّة، لكنّه لم يستسلم، وقام بمواصلة نشاطاته الثوريَّة بسريَّةٍ تامَّة.
في عام 1957م، كان غالبيّة الشعب الكوبي يرزح في جحيم البؤس الذي تسببت به أقليّة مرفّهة مُقرّبة من الدكتاتور باتيستا، والذي كان يُمارس كافَّة أشكال القمع ضدَّ شعبه، وفي شهر كانون الثاني من نفس العام، قام فيدل وغيفارا بالزَّحف إلى كوبا مع عددٍ من الرِّفاق من جِبال (سييرا مايسترا)، وبدءا بخوض حرب عصاباتٍ استمرّت لمدّة عامين مع النّظام الكوبي الغاشم المدعوم من الولايات المُتحدة الأميركيَّة.
حيث لقيت الثورة تأييداً كبيراً من الشعب الكوبي، وبالرّغم من الخسائر البشريّة الكبيرة بين رجال الثورة، إلا أنَّ أعداداً غفيرة من أفراد الشعب انضموا للثوَّار، وخاصةً إبان تحريرهم لـ(سانتا كلارا)، حيثُ أدَّى هذا الانتصار إلى فرار باتيستا من هافانا نحو البرتغال، وبهذا تمكَّن غيفارا من الاستيلاء على العاصمة الكوبيَّة، بعد خوض معارك ضارية مع جيش باتيستا، وبهذا انتصرت حركة السادس والعشرين من يوليو، وتولّى فيدل كاسترو الحكم بعد تمكُّن حركته من الإطاحة بـباتيستا ونظامه الدكتاتوري.
وفي التاسع من شهر شباط من عام 1959م، حصل آرنستو تشي غيفارا على الجنسيَّة الكوبيّة، وترأس البنك الوطني الكوبي، وبعد ثلاثة أعوامٍ من التحرير؛ عُيِّن وزيراً للصناعة، حينها تمكَّن من تحويل العلاقات التجاريَّة في كوبا من أمريكا إلى الإتحاد السوفياتي السابق، وترأس وفداً رسميَّاً كوبيَّاً لزيارة مجموعةٍ من الدُّول، من بينها مجموعة من البلاد العربيَّة، وهي سوريا الإمارات ومصر التي التقى فيها بالرّئيس المِصري الرّاحل جمال عبد النَّاصر، وأيضاً قام غيفارا بتنفيذ مجموعة من الخطط المتمثِّلة بتوزيع الأراضي، وتأميم الصناعة في البلاد.
قامت الولايات المُتحدة الأمريكيَّة في نِهاية عام 1960م، بفرضِ حصارٍ كامل على كوبا، حينها قام غيفارا بترأس وفدٍ رسمي في جولة إلى مجموعة من الدُّول الاشتراكيّة، وهي: (الاتحاد السوفياتي السَّابق، وشرقي أوروبا والصِّين وكوريا الشماليَّة)، وبعد عامٍ من هذا التاريخ قامت أميركا بقطع كافَّة علاقاتها الدبلوماسيَّة مع كوبا، وقصفت خليج (الخنازير) هناك، الأمر الذي تبَّب باشتعال اشتباكاتٍ عنيفة مع الثوَّار برئاسة غيفارا قُبالة السَّاحِل الغربي لـ(بينار دِيل ريو)، وكانت نهاية هذه الاشتباكات انتصار الثوَّار بالرّغم من ضآلة عددهم مُقارنةً مع الترسانة الحربيَّة الأميركيَّة.
في شهر آب من العام نفسه، قام غيفارا بإرسال رسالة شكر إلى الرئيس الأميركي في ذلك الوقت (جون كينيدي)، ورد فيها:
"شُكراً لِمَ فعلتُم في خليج الخنازير، فقبل هذا الغزو كان الثوَّار غيرَ واثقين من أنفسهم، ولكنَّهم الآن أقوى من أيِّ وقتٍ مضى".
بعد الأحداث الدّامية التي حدثت في جنوب إفريقيا، والتي أدَّت إلى اغتيال رئيس وزراء الكونغو، واحتكار أميركا للمواد الخام الاستراتيجيَّة فيها، غادر غيفارا هافانا عام 1965، متوجِّهاً إلى عددٍ من الدول الإفريقيَّة، وهي (غانا، وغينيا، وداهومي، والجزائر).
وذلك بعد أن أجرى دراسة للأوضاع هناك من كافّة جوانبها، في مُحاولةٍ منه لقيادة ثورةً أخرى ضدَّ الهيمنة الأمريكيَّة في إفريقيا، عاد بعدها إلى العصمة الكوبيّة، وقد اتخذ قراره بتقديم استقالته من كافّة المناصب التي تولاها في البلاد، للتفرُّغ لتصدير الأفكار الثوريّة لمناطق أخرى من العالم.
بعد عودة غيفارا من جولته الإفريقيَّة إلى هافانا، قام بعقد مجموعة من الاجتماعات السِريَّة مع كاسترو؛ استعداداً للقيام بمهمَّةٍ جديدة في بوليفيا، لكنَّ كاسترو قام بتحذير غيفارا من القيام بمهمته تِلك، بسبب قوَّة الاستخبارات البوليفيَّة، لكنَّ غيفارا أصرَّ على تنفيذ قراره.
فغادر كوبا متوجِّهاً إلى بوليفيا في يوم الثالث من تشرين الثاني من عام 1966م، وباشر بتجنيد مجموعة من الثوّار للقيام بثورةٍ ضدَّ حكومة (رينيه بارينتوس)، لكنَّ غيفارا اصطدم بسلبيَّة الشعب البوليفي الذي امتنع عن الانضمام للثوّار، فقد كان حصيلة المُجنَّدين واحداً وعشرين شخصاً، وهم ثوريَّان من بوليفيا، و16 كوبيَّاً، وثلاثة ثوَّار من البيرو.
من ناحيةٍ أخرى؛ قامت أمريكا بتزويد الجيش البوليفي بالعتاد والأسلحة، إضافةً لمجموعة من المستشارين العسكريين لتمكينهم من الثوَّار، وفي التاسع من تشرين الأوَّل من عام 1967، نشبت حرب عصاباتٍ بين الطرفين أدَّت إلى وقوع غيفارا واثنين من رِفاقه في كمينٍ أعدَّه الجيش البوليفي في بلدَةِ (لاهيجرا).
وفور إلقاء القبض عليه، تمَّ استدعاء ضابط الاستخبارات المركزيَّة، لإصدار قرارٍ بإطلاق الرصاص على غيفارا، فطلب الضابط من الجندي المُكلَّف بإعدام غيفارا بالرَّصاص، وعند توجهه إلى غيفارا لتنفيذ الأمر، نظر إليه تشي، وخاطبه قائلاً:
"أعلم أنَّك هُنا لقتلي؛ هيَّا أطلق النَّار أيُّها الجبان، فأنت لن تقوم بشيءٍ إلا قتل رجُلٍ واحد".
وهكذا، تمَّ وضع حدٍ لحياة الثائر الأممي العظيم غيفارا، بعد إطلاق الرَّصاص عليه، لكنَّها كانت اللحظة الحقيقية لميلاده من جديد، وخلوده، وحضوره الدّائم في كلِّ المحافل التي تتغنّى بالحريّة في كافَّة أرجاء العالم الشاسع، رصاصةً فجّرت القهر والحُزن في أفئدة ونفوس كافّة الأحرار على حدود الأرض.
ليتحوّل بعدها آرنستو بجسده المُسجَّى الساكن إلى قدّيسٍ ومُعلّم صنع مجداً للحريّة، لكنَّ العبيد أصرّوا أن يتشبثوا بعبوديتهم، فتآمروا عليه لأنّه يُزعج قطعان مواشيهم التي ينتمون إلى فصيلتهاK فطوبى لروحه الخالدة أبداً.. آرنستو غيفارا دي لاسيرنا.
من هو هشام بن محيي الدين ناظر
من هي غابرييلا بريمر
من هو مظفر النواب
من هو غجيفوش كريتشوفياك
من هو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله آل سعود
من هو عبدالله بن بندر بن عبدالعزيز
من هو إدوارد سنودن
من هو مراد بلفقيه
من هو اضخم رجل في العالم
من هو طلال أبو غزالة
من هو مؤسس علم الجبر
من هو مؤسس علم الكيمياء
بحث عن الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود
حقيقة وفاة عادل امام
جبران خليل جبران
عميد الأدب العربي طه حسين
محمود درويش نبي الشعر في زمن ضياع الهويّة
ابن رشد رجل عصر النهضة وأمير العلم
القلم الثائر غسان كنفاني
جميع الحقوق محفوظة © 2020 | موقع أجراس